المجلس الثاني – زايد ومفهوم السعاده

2019-10-03 13:18:23

 مجلس حكيم العرب في رمضان

في بداية حكم الشيخ زايد رحمه الله كان يوزع تجهيزات رمضان على شعبه، ويباشر هذا التوزيع بنفسه؛ فيراقب ويتابع وصول التجهيزات إلى كل بيت، ويتأكد من حالة أهله، وكان من العوامل التي ساعدته في القيام بهذا الصنيع الفريد الدقيق أن عدد المواطنين حينها كان بسيطا

ويُعرف عنه رحمه الله أنه لم يستأثر بأكل ولا شرب ولا ملبس ولا مسكن دون شعبه، بل أكثر من ذلك كان سخيا معهم جوادا كريما خصوصا في شهر رمضان المبارك.

وكان طيب الله ثراه يلتقي مع ضيوف الدولة من العلماء وذلك من أنحاء العالم، وخاصة في شهر رمضان المبارك؛ فيجتمع معهم ويستمع إلى آرائهم واقتراحاتهم في أمور المسلمين، وما هو جديد في بلدانهم من الأمور المهمة التي يمكن أن تستفيد منها دولة الإمارات وبلدان المسلمين الأخرى

وكان يوصيهم بأبناء شعبه سعيا منه لتقوية ومنعة صفوف البلدان العربية الإسلامية بهدف التآخي والتعاون ورص الصفوف، وكل ذلك خدمة لغرس المبادئ السمحة وقيم التسامح في نفوس أبناء الإمارات، والتعايش السلمي مع الآخرين، والابتعاد عن التشدد، وكان يوصيهم كذلك بضرورة لزوم الفتوى الوسطية التي تخدم دينهم ودنياهم، وتسهل على الناس أمور دينهم، والنجاة من الحرج فيه

ثم يتم توزيعهم بعد معرفة تخصصاتهم وآرائهم وبيئاتهم حسب المناطق؛ فكان يرسل لأهل البادية العلماء الذين لديهم ثقافة البادية؛ لأن ذلك أدعى لفهم أهل البادية واستفادتهم، وسهولة تعاملهم وحسن إقبالهم واهتمامهم، وكان يرسل هؤلاء العلماءحسب تخصصهم ومستوياتهم إلى كل منطقة

وقبل نهاية شهر رمضان في العشر الأواخر يجتمع الشيخ زايد طيب الله ثراه مرة أخرى مع العلماء ليستمع منهم إلى الأسئلة التي وجهت إليهم لمعرفة الجانب الثقافي الديني، ولتوحيد المفهوم في الإفتاء، ولمعرفة سير الأوقاف ومواكبة هيئاته في الثقافة الدينية، ولاستخلاص الدروس والعبر من هذا الموسم، والاستفادة منها في المواسم المقبلة

وفي الختام يتم إكرام هؤلاء الضيوف بهدايا قيمة لما كان للعلماء عنده رحمه الله من مكانة وتقدير إجلال وإكرام

ولاهتمام الشيخ زايد طيب الله ثراه بشأن رمضان ودعوة العلماء وتكريمهم فيه أكرمه الله عز وجل بأن كانت وفاته في شهر رمضان، والعلماء الذين كان يستضيفهم ويكرمهم ويجالسهم هم الذين صلوا عليه، وهذا يدل على صدق هذا الرجل وإخلاصه

وهكذا كانت منهجية زايد الخير طيب الله ثراه في كل رمضان، ومازالت هذه المجالس عامرة في كل رمضان حيث انتقلت إلى رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله الذي دأب على تنظيمها باستمرار، وأولاها من اهتمامه الكثير، ولم يدخر جهدا في العناية بها وبنجاحها واستمرارها على أحسن ما يرام

ثم انتقلت إلى ولي عهده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رعاه الله الذي أحسن إدارتها والاهتمام بها، وقد ورث عن والده الشيخ زايد طيب الله ثراه اهتمامه وعنايته بهذا المجال وزاد عليه وطور فيه، ولا زال ذلك دأبه وديدنه حتى وقتنا الحاضر